إرشادات

جنس المعلم وتأثيره على الطلاب

يعتبرالمعلم من أهم ركائز العملية التربوية التعليمية والمنفذ لبرامجها وسياساتها، كما أنه يلعب دورا هاما في نمو شخصية طلابه، لذا فان الاتجاهات الإيجابية التي يكتسبها الطلبة تجاهه لها تأثير مهم في نجاح العملية التربوية والتعليمية. ويؤكد منصور (1989) أن نظرة الطالب للمعلم والدور الذي يقوم به تؤثر على علاقات الطالب داخل المدرسة وخارجها.
هنالك عدة عوامل تؤثر على أداء المعلم لدوره بالصورة الصحيحة مثل شخصيته القوية والمرنة والمرحة وكفاءته الأكاديمية والمهنية وغيرها، و هي تختلف من معلم إلى آخر مما يؤدي إلى تباين الطلاب من النواحي الأكاديمية والاجتماعية. فهل لجنس المعلم دور في هذا التباين؟

هذا التساؤل خلق عددا من الإجابات المختلفة، منها ما أورده نشواتي (2002) الذي ذكر أن هناك عددا من الدراسات الأمريكية بينت أن هناك تباينا بين التلاميذ والتلميذات في المدارس الابتدائية من حيث الأداء والسلوك الصفي. إذ يعاني الصبيان من مشكلات أكاديمية وسلوكية على نحو أكبر من معاناة البنات في المدارس الأمريكية، وقد أرجعها الباحثون إلى اختلاف جنس المعلم، لأن الصبيان في دول أخرى مثل ( ألمانيا ونيجيريا وإنجترا…) كانوا أكثر تفوقأً. وفسروا ذلك بالاختلاف بين الجنسين في السمات والخصائص والاستعدادات التي ترجع أساسا إلى التربية الفارقة بين الإناث والذكور.

هذا الاختلاف يكون أكثر وضوحا في المجتمعات الشرقية التي تحكمها العادات والتقاليد التي تعلي من قيمة الذكر على الأنثى، رغم أن الدين الاسلامي مثلا قد أنصف المرأة وكفل المساواة بين الجنسين مع مراعاته لطبيعة كل منهما. قال تعالى: (ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء) سورة النساء. فهل تؤثر هذه القيم والعادات التي تخص النوع على اتجاه الطلبة نحو معلماتهم ؟

أشار العسافي (2014) أن جنس المعلم يعد من الأمور المهمة التي تؤثر في الحياة المدرسية حيث أوضحت الكثير من الدراسات والآراء أن له تأثير في تحصيل التلاميذ ومشاكلهم واتجاهاتهم نحو المدرسة ومدى تفاعلهم داخل الصف.
وأشار الضوء (2010) من واقع تجربته إلى أن غرفة الصف في مدارس البنين تشهد كثيرا من المشاكل التي تعوق سير الدرس. هذه الصعوبات تواجه المعلمة خصوصا وقد تؤدي إلى صعوبات من حيث الإدارة الصفية. وقد أشار إليها الموجهون التربويون في المقابلة التمهيدية باعتبارها من الصعوبات التي تواجه المعلمات في مدارس البنين خصوصا في المدارس الثانوية. بينهم الدقاق (1989) بقوله أن المعلمة تواجه صعوبات متعلقة بتقصير الطلبة الذكور في بعض الواجبات المنزلية والحركة الزائدة لدى بعض الطلبة، وإثارة الضوضاء، والتلفظ ببعض العبارات غير اللائقة. وقد اتفقت بعض هذه الصعوبات مع ماذكره بعض الطلبة في المقابلة التمهيدية من تقصير الطلبة في الواجبات المنزلية والاستهزاء بعقوبات المعلمة. هذه الصعوبات قد تؤثر في التواصل الاجتماعي والأكاديمي بين المعلم والطلبة وربما تؤدي إلى ظهور اتجاهات سلبية من قبلهم نحوها.

ذكر عشوي (2015 ) أن دراسة بازو (1995) عن اتجاهات الطلاب الجامعيين نحو المدرسين في أربع سنوات متتالية في إحدى الكليات الأمريكية أخلصت إلى ن تقويم الأساتذه الذكور لم يتأثر بجنس الطلاب، عكس المدرسات حيث تلقين أعلى تقويم من طرف الطالبات وأدنى تقويم من قبل الطلبة الذكور. وتوصلت نفس الباحثة (2000) إلى أن أفضل المدرسات في الجامعة اخترن من قبل الطالبات أكثر مما اخترن من طرف الذكور.
أما حسن في مقاله (ب. ت) خرج بوجود فروقات في عامل الاستثارة وشد الانتباه والدافعية، ويلاحظ هذا عند المعلمات اللائي يدرسن إناثا مقارنة مع المعلمات اللواتي يدرسن ذكورا. وأرجع ذلك إلى ميل التلميذات الإناث إلى التفاعل مع المعلمات أكثر من التلاميذ الذكور انطلاقاً من الدور الاجتماعي لكل من الذكر والأنثى في المجتمع والانسجام بين الإناث ومعلماتهن في اعتبارهن قدوة لهن(عيسى،1996).

هذه العوامل قد تؤثر على علاقة المعلمات وطلبتهن الذكور سلباً على مستوى اتجاه الطلبة نحوهن. الا أن دراسة الدقاق (1989-77) خرجت بأن (62.5%) من تلاميذ الصف الثالث يفضلون المعلمات، و كذلك دراسة عشوي (2015) التي أكدت أن (78% ) من طلبة المرحلة الثانوية بنين يحبذون تدريس المعلمة لهم في الصف الأول والثاني الأساسي، مما قد يشير إلى الاتجاه الإيجابي للطلبة نحو المعلمات في المراحل الأساسية.
ربما تختلف المعطيات إذا انتقلنا إلى المرحلة الثانوية التي لها خصوصياتها باعتبارها تمثل مرحلة المراهقة التي يعاني فيها الفرد من صعوبات عدة قد تؤثر في تفاعلاته الاجتماعية داخل المدرسة وخارجها.

إغلاق