إرشادات

استراتيجيات بناء التوافق في الآراء داخل مجتمعات التعلم المهني (الجزء الثاني)

التوافق في الآراء أحد أهم عناصر نجاح المؤسسات بصورة عامة، والمؤسسات التعليمية بصورة خاصة لما للموضوعات التعليمية والتربوية من خصوصية، فهي شديدة التعقيد لارتباطها بمتغيرات كثيرة، وقد تحدثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن:

  1. ركائز مجتمعات التعلم المهني: الرؤية، الرسالة، والقيم والأهداف.
  2. استراتيجيات القادة لبناء التوافق في الآراء داخل مجتمعات التعلم المهني.

وقد ركزنا في الجزء الأول على عدد من استراتيجيات بناء التوافق في الآراء تتعلق بقادة المؤسسات التعليمية الذين يتولون مهام التغيير نحو ركائز مجتمعات التعلم المهني وأفكاره الكبرى.

وفي هذا الجزء سنركز على بناء استراتيجيات بناء التوافق داخل الفرق نفسها وفي هذا الجزء سنجيب على الأسئلة التالية:

  • ماذا نقصد بالتوافق؟
  • ما الفرق بين التوافق والإجماع؟
  • كيف نهيئ الفريق ليكون قادرا دائما على الوصول إلى التوافق عندما يكون هناك خلاف ؟؟؟
  • ما المقصود بالخطوات السبع لبناء التوافق داخل الفريق؟

وخلال الإجابة على هذه الأسئلة سنجتهد لنكون عمليين أكثر من خلال تحديد مجموعة من المعايير والخطوات التي تقرب الفرق من بناء توافق في الآراء.

السؤال الأول: ماذا نقصد بالتوافق؟

التوافق لغة يجمع معاني: التكيف و الانسجام، والتآلف، واتفقا: تقاربا.

التوافـق (بالإنجليزيةADJUSTMENT) هو تعديل الكائن البشري لسلوكه بحيث يتلاءم مـع الظـروف الخارجية، فالتوافق هـو المحـصلة النهائيـة لتفاعل الفرد مع البيئة.

ومما سبق يمكن تعريف التوافق بين أعضاء الفريق على أنه تعديل كل عضو من أعضاء الفريق لسلوكه بحيث ينسجم ويتقارب مع ما يقرره أعضاء الفريق ويلتزم بتوصياته الجماعية ولا يعني ذلك أن الفرد يذوب في الفريق بحيث لا تظهر شخصيته ويبدي قناعاته الخاصة أو يعترض على ما يتم طرحه بل هذا مطلب لنجاح الفريق فكلما كان أعضاء الفريق متمايزين ومختلفين في قدراتهم وخبراتهم كلما كان هذا قوة للفريق تنعكس على قراراته التي يقر ويصل إليها لكن يجب أن يكون هذا الاختلاف أثناء الاجتماعات والحوارات لكن عندما يتم التوافق على ممارسة محددة أو قرار ما يجب على الجميع أثناء التنفيذ الالتزام بما تم التوافق عليه فهناك سلوكيات يمكن أن تظهر ويجب دعمها أثناء النقاشات والحوارات التي تسبق العمل والتنفيذ مثل إبداء الرأي والدفاع عنه أما أثناء العمل والانخراط في التنفيذ فيجب أن ينسى كل عضو ماذا كان رأيه ويتذكر فقط ما الذي توافق عليه الفريق.

السؤال الثاني: ما الفرق بين التوافق والإجماع؟

أجمع القومُ على الأمر: اتّفقوا عليه بلا اختلاف ونحن في مجتمعات التعلم المهني نشجع الاختلاف المبني على المعرفة والخبرات السابقة الصحيحة التي أكدتها الأبحاث العلمية. الفرق لا تقاد بالإجماع وإنما تقاد بالتوافق فلا يعقل أن ينتظر الفريق أن يوافق كل عضو فيه حتى نبدأ في العمل أو نقف عند كل خلاف حتى يقتنع جميع أعضاء الفريق وفي ذلك يقول ريتشارد دوفور: أثبت التاريخ أنه إذا كان كل منّا يجب أن يوافق قبل أن تعمل، إذا كان كل عضو في المنظمة يستطيع أن ينقض اتخاذ الإجراءات أو العمل، فإن المنظمة تكون عرضة لعدم العمل بشكل ثابت – حالة من الوضع الراهن الثابت الذي يؤدي فقط إلى التراجع.

كما يقول أيضا نقلا عن Patrick Lencioni (2005)، «إن انتظار كل واحد ليوافق فكرياً على قرار، هو وصفة جيدة للرداءة، والتأخير، والإحباط»

كما أن الإصرار على الإجماع يتناقض مع التوجه نحو العمل، وهو ما يسعى إليه المجتمع المهني التعلمي.

السؤال الثالث: كيف نهيئ الفريق ليكون قادرا دائما للوصول إلى التوافق عندما يكون هناك خلاف؟

سيعيش الفريق لحظات تمثل له تحديا كبيرا وبخاصة عند الانهماك في مهام الفريق التي تحددها الأسئلة الأربعة الجوهرية التي توجه عمل الفريق (سيكون هناك مقال خاص عنها بإذن الله) وتكمن القوة الحقيقية لفرق المجتمع التعلمي المهني في مدى قدرتها على تجاوز هذه الخلافات وبناء حالة من التوافق في الآراء.

أرى أن هناك مجموعة من المعايير التي يجب أن يلتزم بها الفريق حتى يضمن أنه سيصنع قراراته عند الاختلاف بالتوافق.

تصل مجموعة للتوافق عندما:

1-يعتبر الفريق أن هذا الاختلاف طاقة إيجابية يجب توجيهها بشكل إيجابي.

2- الانهماك في وضع قيم تمثل التزامات جماعية يلتزم بها الجميع خلال مسيرة التآزر والتشارك ويتم التذكير بتلك القيم في بداية كل عمل جماعي.

3- يحدد الفريق عند بنائه الخطوات الإجرائية التي سيتخذها عند حدوث اختلاف قوي ويمكن أن يطلق عليها مصطلح خاص بالفريق مثل استراتيجية رفع الأصابع أو البطاقات وننصح الفريق أن يطلع على الأدبيات الخاصة بذلك ثم يحدد لنفسه استراتيجية خاصة باسم خاص.

2- تكون نية المجموعة واضحة حتى لأشد المعارضين لها.

بمقدور هذه المعايير أن تؤدي إلى تبني مقترح ما بالرغم من حقيقة أن بعض الأعضاء في الفريق هم ضده.

السؤال الرابع: ما المقصود بالخطوات السبع لبناء التوافق داخل الفريق؟

ويقدم كيم بيلي وكريس جاكيسيك في كتاب التقويم التكويني المشترك سبع خطوات لبناء التوافق في الآراء مع وضع سيناريو لذلك وقد قمت بتلخيص الخطوات ووضع كل مرحلة من مراحل السيناريو التوضيحي أمام الخطوة المناسبة له كالتالي:

استراتيجيات بناء التوافق في الآراء

استراتيجيات بناء التوافق في الآراء

المساءلة التبادلية

يجب أن تقر قيادة مجتمعات التعلم المهني مجموعة من القوانين التي تلزم جميع الفرق بالتآزر والتعاون والاستجابة لقرارات الفريق، فإذا كان على الفريق أن يتوافق فيما بين أعضائه فإنه أيضا يجب أن تكون هناك مسؤولية تبادلية تقع على عاتق القيادات والمسؤولين الذين يتبنون رؤية ورسالة مجتمعات التعلم المهني على مستوى المؤسسة التعليمية من خلال دعم ميسري الفرق في اتخاذ قرارات حاسمة وجادة مع الأعضاء الذين لا يحرصون على التآزر والتشارك ولا يحرصون على الالتزام بقيم الفريق وقواعده السلوكية الحاكمة له. وكذلك هناك محطات احتفال جماعية تحكي قصص نجاح الفرق التي استطاعت أن تتوافق فيما بينها وتحقق نجاحا ملموسا في نتائج طلابها.

إغلاق